يُحتفل باليوم الدولي لحقوق الإنسان في العاشر من ديسمبر من كل عام، إحياءً لذكرى اعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948، هذا اليوم يهدف إلى تسليط الضوء على أهمية حقوق الإنسان، وتعزيز قيم الحرية والعدالة والمساواة بين جميع البشر، وينص على المساواة في الكرامة والقيمة لكل شخص وبينما يحتفل العالم بهذه المناسبة، لا يزال أهالي غزة يعانون من واقع مأساوي يحرمهم من أبسط حقوقهم الإنسانية.
واقع حقوق الإنسان في غزة
عندما ننظر إلى ما يحدث في غزة، نجد أن هذه الحقوق تُنتهك يوميًا دون أي رد فعل حقيقي من المجتمع الدولي، أين هو حق الحياة عندما يُقتل الأطفال في منازلهم؟ أين هو حق الأمن عندما يعيش الناس في خوف دائم من القصف والدمار؟ أين هي العدالة عندما لا يُحاسب الجناة على جرائمهم؟
قطاع غزة الذي يعاني من حصار مستمر منذ أكثر من عام، أصبح رمزًا لمعاناة الملايين من البشر الذين يفتقدون الحق في العيش الكريم، يفترشون الارض ويلتحفون السماء، وهذا الشتاء الثاني الذي يحل بهم وهم في الخيم التي لا تسمن ولا تغني من جوع، ونقص حاد في الغذاء والدواء والمستلزمات الأساسية.
الحرب مستمرة والتي تُجبر مئات الآلاف على العيش تحت خط الفقر، الأطفال، الذين يُفترض أن يكونوا مستقبل الأمة، يجدون أنفسهم محرومين من التعليم بسبب قصف المدارس، ويعيشون تحت تهديد دائم للغارات والحروب المتكررة.
الحقوق المهدورة
1. الحق في الحياة والأمن: القصف المستمر والهجمات العسكرية المتكررة تؤدي إلى سقوط ضحايا مدنيين، من بينهم أطفال ونساء، والانتهاكات اليومية مثل تدمير المنازل والبنية التحتية الأساسية.
2. الحق في الحرية والتنقل: الحصار الإسرائيلي المفروض على غزة منذ عام 2007 يمنع حرية الحركة للسكان، سواء داخل الأراضي الفلسطينية أو خارجها، بالاضافة الى إغلاق المعابر الحدودية، مثل معبر رفح ومعبر كرم أبو سالم، يحد من التنقل والوصول إلى الخدمات الأساسية، ودخول المساعدات.
3. الحق في التعليم والصحة: تدمير المدارس والمرافق التعليمية خلال الحروب يعيق حق الأطفال في التعليم، ونقص الأدوية والمستلزمات الطبية وقصف المستشفيات بشكل متكرر، والحصار يجعل النظام الصحي عاجزًا عن تلبية احتياجات السكان.
4. الحق في مستوى معيشي لائق: معدلات البطالة والفقر في غزة من بين الأعلى عالميًا بسبب الحصار وانهيار الاقتصاد، ونقص المياه الصالحة للشرب والكهرباء وانعدام الاستقرار في الخدمات الأساسية.
5. الحق في العدالة الدولية: غياب المحاسبة الدولية للانتهاكات الإسرائيلية المستمرة ضد سكان غزة، ضعف التأثير الفعلي للقرارات الأممية المتعلقة بالحقوق الفلسطينية.
6. الحق في الكرامة الإنسانية: يعيش أكثر من مليوني فلسطيني في قطاع غزة تحت ظروف قاسية وغير إنسانية، مما يؤثر على كرامتهم وحياتهم اليومية.
في هذا اليوم، لا يمكن أن يقتصر الحديث عن حقوق الإنسان على الاحتفالات والشعارات، بل يجب أن يتضمن أفعالًا جادة لحماية حقوق المحرومين والمظلومين، أهالي غزة يمثلون مثالًا حيًا على أهمية تعزيز التضامن الدولي والضغط لإنهاء الممارسات التي تنتهك كرامة الإنسان، إن مسؤولية المجتمع الدولي لا تقتصر فقط على تقديم المساعدات الإنسانية، بل يجب أن تشمل أيضًا العمل الجاد لوقف العنف ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات.
رسالة للعالم
حق مفقود في غزة، دعوة اليوم الدولي لحقوق الإنسان هذا العام يجب أن تكون صرخة للتذكير بأن حقوق الإنسان لا يمكن أن تكون انتقائية أو مقتصرة على أماكن دون أخرى، فكما أن الحرية حق للجميع، فإن الحياة الكريمة حق لا يجب أن يُحرم منه أي إنسان، بغض النظر عن جنسيته أو مكانه، وتؤكّد الحرب على غزة مرة أخرى جدية أطروحة القائلين إن منظومة حقوق الإنسان كما يتبناها الغرب لا تقوم على أيّ أساس أخلاقي مجرد، وإنما على أساس معايير انتقائية وتمييزية مزدوجة.
إن إنهاء معاناة غزة ليس مجرد قضية إنسانية، بل هو اختبار حقيقي لقدرة المجتمع الدولي على تحقيق العدالة والمساواة التي يدعي الالتزام بها.