يُعد التعداد السكاني من اهم العمليات الاحصائية التي تقوم بها الدول لجمع بيانات دقيقةٍ وشاملة حول سكانها، هذه البيانات تمثل قاعدة أساسية لتخطيط السياسات العامة وتحديد الاولويات الوطنية وتوجيه الموارد نحو التنمية المستدامة، وهو اداة حيوية لدراسة واقع السكان واحتياجاتهم، وتُعتبر المشاركة فيه واجباً وطنياً يتطلب تعاون جميع افراد المجتمع، فكل فرد يلعب دوراً محورياً في انجاح هذه العملية التي تمثل مصلحة عامة من خلال تقديم بيانات دقيقة وصحيحة.
حيث تستعد الحكومة العراقية الى اجراء التعداد السكاني في 20 , 21 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، ويعتبر هذا التعداد الاول الذي يشمل كل محافظات العراق منذ حوالي أربعة عقود.
أهمية التعداد السكاني
- التخطيط والتنمية: يعتمد التعداد على جمع معلومات عن عدد السكان، توزيعهم الجغرافي، مستويات التعليم، الصحة، العمالة، حيث تساعد هذه البيانات الحكومات على وضع خطط استراتيجية تلبي احتياجات المجتمع مثل بناء المدارس، تحسين الخدمات الصحية وإنشاء البنى التحتية.
- تحقيق العدالة الاجتماعية: من خلال معرفة التركيبة السكانية ومستويات الدخل، ويمكن للدولة ان تضمن توزيعاً عادلاً للموارد والخدمات بما يساهم في تقليل الفجوة بين الفئات المختلفة في المجتمع.
- دعم الاقتصاد: تسهم بيانات التعداد في جذب الاستثمارات المحلية والاجنبية حيث يمكن للشركات استخدام هذه المعلومات لفهم احتياجات السوق واستهداف الشرائح السكانية المناسبة لمنتجاتها وخدماتها.
- تعزيز الامن الوطني: يتيح التعداد معرفة التغيرات الديموغرافية التي قد تؤثر على الامن القومي مثل زيادة الكثافة السكانية في مناطق محددة او ارتفاع معدلات البطالة، مما يساعد في وضع السياسات الوقائية.
- تحديد المناطق الاكثر احتياجاً: ورصد الفئات المهمشة حيث يساعد التعداد في رسم صورة واضحة عن التوزيع الجغرافي للفقر، وتحديد المناطق التي تعاني من نقص الخدمات الاساسية.
- توجيه الدعم الحكومي: بناءا على بيانات التعداد في توفير بيانات دقيقة وموثوقة تستخدم لقياس اثر السياسات الحكومية على تحسين حياة السكان، فيعزز من قدرة المجتمع على مراقبة الاداء الحكومي والمطالبة بتحسين الخدمات.
كيف يمكن للتعداد السكاني محاربة الفقر؟
- برامج الاسكان: بناءً على معلومات التعداد، يمكن تصميم برامج إسكان تستهدف تحسين الظروف المعيشية للأسر ذات الدخل المحدود.
- فرص التعليم: بيانات التعداد توضح معدلات الأمية والتسرب المدرسي، مما يساعد في تطوير برامج تعليمية مخصصة لدعم الأطفال والشباب في المناطق الفقيرة.
- تعزيز الاقتصاد المحلي: من خلال معرفة الاحتياجات والتحديات الاقتصادية للسكان، يتم وضع خطط لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتوفير فرص عمل مستدامة.
يجب على المواطنين الاستجابة للمسؤولين والتعاون مع فرق التعداد والاجابة على الاسئلة بدقة، توعية الاهل والاقارب والجيران بأهمية المشاركة، والمحافظة على خصوصية البيانات والاطمئنان ان البيانات المقدمة تستخدم لاغراض تخطيطية بحتة وتُحفظ بسرية تامة.
قال الشيخ محمود عبد العزيز العاني/ رئيس مجلس علماء العراق: “إن المشاركة في التعداد السكاني ودقة المعلومات واجب شرعي وضرورة حياتية، والواجب قسمان واجب لذاته وواجب لغيره، فالواجب لذاته: ما ثبت وجوبه بنص شرعي خاص أو قياس صحيح، والواجب لغيره: ما ثبت وجوب نتائجه أو تحريم نتائج تركه”.
وأضاف كيفية تطبيق القاعدة على التعداد السكاني: “إن الدولة تعتزم وضع الخطط الاقتصادية والاجتماعية للمستقبل القريب والبعيد بناء على معلومات البحث الميداني من خلال عملية التعداد بكل ادواتها وتقنياتها، فأي خلل سيحصل بسبب تخلف الناس عن إعطاء معلوماتهم أو تزويرها سيؤدي إلى خطط غير صحيحة يعود ضررها على المجتمع كله، لذا نحث اخواننا على التعاون مع فرق البحث بالتواجد يوم التعداد وإعطاء المعلومات بصدق وأمانة”.
ختاماً إن التعداد السكاني ليس مجرد عملية إحصائية بل هو استثمار وطني للمستقبل، واداة قوية لتحقيق التنمية الشاملة ومكافحة الفقر، وعندما يشارك المواطنون بفعالية فيه، فإنهم يرسخون مفهوم المواطنة الحقيقة ويعززون من قدرة وطنهم على تحقيق التنمية الشاملة والازدهار، وبناء مجتمع اكثر توازناً واستقراراً، لذا ندعو جميعاً ان نكون جزءاً من هذه المهمة الوطنية ونعمل معاً من اجل بناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة، ونؤكد ضرورة الحضور والمشاركة في إنجاح التعداد السكاني فهو واجب شرعي ووطني وضرورة لتنظيم حياتنا.
إقرأ ايضاً: التعليم في العراق