يحتفل العالم في 18 ديسمبر/كانون الأول من كل عام باليوم العالمي للغة العربية باعتبارها أحد أهم أركان التنوع الثقافي للبشرية، ولغة الحضارة العربية الإسلامية، ولغة العلوم والمعرفة والآداب.
اللغة العربية وهوية الأمة
اللغة العربية واحدة من أقدم اللغات في العالم وأكثرها ثراءً من الناحية اللغوية والثقافية، تُعتبر العربية لغة القرآن الكريم، مما منحها مكانة مقدسة بين الشعوب المسلمة حول العالم، وهي تنتمي إلى اللغات السامية، وتُعدّ الجسر الذي يربط بين التراث الثقافي والحضاري القديم والحاضر.
تبرز أيضًا كعنصر موحد بين الشعوب العربية، إذ تجمعها لغة واحدة على الرغم من تنوع الثقافات واللهجات المحلية، وهي بذلك أداة لتشكيل الوعي الجماعي والاعتزاز بالانتماء إلى أمة تمتلك إرثًا حضاريًا فريدًا.
تعود أصولها إلى ما قبل الإسلام بفترات طويلة، وتطوّرت عبر مراحل متعددة، حيث ظهرت اللغة العربية القديمة المعروفة بـ”العربية الفصحى” والتي وثّقتها النقوش، ومع نزول القرآن الكريم بلغت اللغة ذروة إتقانها وجمالها اللغوي، خلال العصر الذهبي للحضارة الإسلامية، أصبحت العربية لغة العلم والفلسفة والأدب، وبرز علماء عرب مثل ابن سينا والخوارزمي الذين ألّفوا كتبهم بالعربية، مما أسهم في انتشارها عالميًا.
جسر للتواصل الحضاري
كانت اللغة العربية عبر القرون جسرًا للتواصل بين الأمم والحضارات المختلفة، في العصور الوسطى، لعبت دورًا محوريًا كلغة العلم والمعرفة، حيث نقل العلماء العرب والمسلمون العلوم اليونانية والرومانية والهندية إلى العالم، وأضافوا إليها إبداعاتهم وابتكاراتهم. وساهمت العربية في تطوير العلوم وكانت تُدرَّس في الجامعات الأوروبية خلال عصر النهضة، مما جعلها لغة عالمية لفترة طويلة.
أهمية اللغة العربية
- الهوية الثقافية: ترتبط اللغة بتاريخ الأمة العربية وتراثها الأدبي والفكري.
- البلاغة والجمال: تتميز اللغة العربية بمرونتها وثرائها البلاغي من خلال الأساليب المتنوعة، مثل الاستعارة، التشبيه، والجناس.
- العلوم والفنون: كانت اللغة وسيلة لإنتاج علوم مختلفة مثل الرياضيات والفلك والطب في العصور الوسطى، مما ساعد على نقل المعارف إلى الحضارات الأخرى.
مكانة اللغة العربية
- لغة القرآن الكريم: يرتبط ملايين المسلمين بالعربية ارتباطًا وثيقًا لتلاوة القرآن والصلاة.
- اللغة الرسمية: تُعدّ العربية لغة رسمية في 22 دولة ضمن جامعة الدول العربية، ويتحدث بها أكثر من 400 مليون شخص كلغة أولى، إضافة إلى ملايين آخرين يتعلمونها كلغة ثانية.
- لغة معترف بها عالميًا: اعتمدت الأمم المتحدة اللغة العربية كلغة رسمية ضمن لغاتها الست في عام 1973.
التحديات التي تواجه اللغة
تواجه اللغة العربية عدة تحديات في العصر الحديث، منها:
1. التأثير اللغوي الأجنبي: انتشار اللغات الأجنبية في مجالات التعليم والبحث العلمي.
2. الازدواجية اللغوية: التباين بين اللهجات العامية والعربية الفصحى.
3. ضعف المحتوى الرقمي: قلة المحتوى العربي في الفضاء الإلكتروني مقارنة باللغات الأخرى.
مع ذلك، تظل الجهود مستمرة لتعزيز مكانتها من خلال:
1. تطوير المناهج التعليمية التي تركز على تعليم الفصحى بشكل جذاب ومواكب للعصر.
2. دعم المحتوى الرقمي العربي وزيادته في مختلف المجالات العلمية والأدبية.
3. الاحتفاء بالمناسبات اللغوية مثل يوم اللغة العربية العالمي، الذي يوافق 18 ديسمبر، للتوعية بدورها وأهميتها.
اللغة ليست مجرد وسيلة للتواصل، بل هي رمز للهوية والانتماء الثقافي، الحفاظ عليها مسؤولية جماعية تتطلب جهودًا من المؤسسات التعليمية والمجتمعية والأفراد لتعزيز استخدامها وتطويرها بما يتماشى مع متطلبات العصر، بل هي وعاء حضاري يحمل في طياته تاريخ الأمة وهويتها وثقافتها، هي لغة تمتد بجذورها إلى عمق التاريخ، وتمثل رابطًا قويًا يجمع الشعوب العربية على اختلاف مواقعها وظروفها.
هي أيضًا أداة لبناء المستقبل من خلال تعزيز الحوار والتفاهم مع الحضارات الأخرى، ونؤكد التزامنا بحمايتها وتطويرها لتبقى دائمًا لغة الضاد، عنوان الفخر والانتماء.
إقرأ أيضاً: التعليم ركيزة أساسية