زكاة الفطر هي أحد أنواع الزكاة الواجبة في الإسلام، وتُؤدَّى في نهاية شهر رمضان كطُهرة للصائم ووسيلة لمساعدة الفقراء والمحتاجين، فرضها النبي ﷺ على المسلمين صغارًا وكبارًا، رجالًا ونساءً، لتحقيق التكافل الاجتماعي والتخفيف من معاناة الفقراء يوم العيد.
حكمها ودليل مشروعيتها
هي واجبة على كل مسلم يملك قوت يومه وزيادة، وقد ثبتت مشروعيتها في الحديث الشريف، حيث قال النبي ﷺ:
“فرض رسول الله ﷺ زكاة الفطر طُهرةً للصائم من اللغو والرفث، وطُعمةً للمساكين” (رواه أبو داود وابن ماجه).
مقدار زكاة الفطر
يُقدَّر مقدار زكاة الفطر بصاعٍ من الطعام، وهو ما يعادل حوالي 2.5 إلى 3 كيلوجرامات من القوت المعتاد لأهل البلد، مثل التمر، الأرز، الشعير، أو القمح، ويمكن إخراجها نقدًا بقيمة تعادل ثمن هذا المقدار، وذلك وفقًا لرأي اغلبية الفقهاء.
وقت إخراج زكاة الفطر
- الوقت المستحب: قبل صلاة العيد.
- الوقت الجائز: قبل العيد بيوم أو يومين.
- الوقت المحرم: بعد صلاة العيد، إلا لعذر، وتعتبر حينها صدقة من الصدقات.
تُوزَّع زكاة الفطر على الفقراء والمحتاجين، حيث لا يجوز إعطاؤها للأغنياء إلا في حالات معينة، مثل ابن السبيل المحتاج.
أهمية زكاة الفطر
- تطهير الصائم: تعوِّض أي تقصير في الصيام بسبب الكلام غير اللائق أو التصرفات الخاطئة.
- تحقيق التكافل الاجتماعي: تضمن فرحة العيد للجميع، فلا يبقى فقير جائع.
- تعويد المسلم على البذل والكرم: فهي تربي النفس على العطاء ومساعدة المحتاجين.
إخراجُ زكاة الفطر نقداً
إذا كان الهدف من إيجاب زكاة الفطر هو مصلحة الفقير والمحتاج في يوم العيد، فهل يتحقق هذا الهدف فقط بدفع الطعام غير المطبوخ كالأرز والشعير والحنطة أو غير ذلك من غالب قوت الصائمين إلى الفقراء وإن لم يسدّ حاجتهم الضرورية أم يجب التحري والبحث عن كل طريق ووسيلة يستفيد منها المحتاج وتحقق له إلى ما يعود عليه بالنفع سواء كان طعاما أو نقدا، فحاجة الناس في كل زمان ومكان مختلفة ولو كانوا فقراء ومحتاجين ولا يمكن حصرها في مسألة واحدة وإن كان الأمر يتعلق في يوم العيد وحده فمنهم من هو بحاجة إلى طعام أو شراب أو ملبس أو علاج ودواء ومنهم من يكون مسافراً يحتاج إلى زاد وراحلة ومنهم من يحتاج إلى زواج أو بناء مسكن لنفسه وأهله أو غير ذلك من حاجة الإنسان التي لا نهاية لها ومنهم من كانت حاجته ضرورية أو حاجية أو تحسينية وكمالية فالشارع الحكيم لم يهمل حاجتهم بل وضع لها حلا شرعيا يجب إنفاذه والتقيد به.
الترجيح بكثرة القائلين بجواز إخراج القيمة
يُوهم من يتحدث في المسألة أن أبا حنيفة فقط هو من قال بجواز إخراج القيمة في زكاة الفطر، والحقيقة على خلاف ذلك ان عددا كبيرا من الصحابة رضوان الله عليهم مثل عمر بن الخطاب، وابنه عبد الله بن عمر، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عبّاس، ومعاذ بن جبل، اجازوا القيمة، والدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ لما بعثه إلى اليمن: (خذ الحَبَّ من الحَبِّ، والشاة من الغنم، والبعير من الإبل، والبقر من البقر) وهو صريح في دفع الأعيان، لكن معاذاً رضي الله عنه فهم قصد الزكاة، ولم يتعامل مع النص على أنه تعبدي غير معلل فقال لأهل اليمن: ائتوني بعرض ثياب خميص أو لبيس {أنواع من الأقمشة} في الصدقة مكان الشعير والذرة، فإنه أهون عليكم وأنفع لمن بالمدينة، وقد أقرَّه النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك، ولئن جاز في الزكاة وهى الأعلى جاز من باب أولى في زكاة الفطر وهي الادنى.
ومن التابعين عمر بن عبد العزيز، فعن قرّة قال: جاءنا كتاب عمر بن عبد العزيز في صدقة الفطر: نصف صاع عن كلّ إنسان أو قيمته نصف درهم، والحسن البصري، قال: لا بأس أن تعطى الدّراهم في صدقة الفطر.
روى البخاري في صحيحه أن النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال للنساء يوم عيد الفطر: «تَصَدَّقْنَ وَلَوْ مِنْ حُلِيِّكُنَّ» قال البخاري:” فَلَمْ يَسْتَثْنِ صَدَقَةَ الفَرْضِ مِنْ غَيْرِهَا”.
اذاً زكاة الفطر من الشعائر الإسلامية العظيمة التي تحقق معاني الرحمة والتكافل في المجتمع الإسلامي، لذلك ينبغي على كل مسلم الحرص على إخراجها في وقتها وبالطريقة المشروعة، حتى ينال الأجر والثواب ويُساهم في إسعاد الفقراء يوم العيد.