في ذكرى مولد الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم فرصة لتعزيز الروابط الاجتماعية والتكافل بين المسلمين بالاضافة لكونه تعبيراً عن المحبة والاحترام للنبي الكريم، ليحفر هذا اليوم في وجدان كل مسلم ويبقى ذكرى عطرة على قلوب المسلمين اجمعين، نبي اخرج امته من الظلمات الى النور فكانت ولادته نعمة عظيمة ارسلها الله لعباده لينشر العدل بعد الظلم.
محبة النبي صلى الله عليه وسلم وتعظيمه مرتبة عليا من الإيمان “وما أرسلناك الا رحمةً للعالمين”، وهي نتيجة لمعرفة أخلاقه العظيمة، وسنته الطاهرة، ورسالته الرحيمة، وحبه لأمته وفضله على البشرية جمعاء وكما قال الشاعر احمد شوقي:
وُلِـدَ الـهُـدى فَـالكائِناتُ ضِياءُ
وَفَـمُ الـزَمـانِ تَـبَـسُّـمٌ وَثَناءُ
الـروحُ وَالـمَـلَأُ الـمَلائِكُ حَولَهُ
لِـلـديـنِ وَالـدُنـيـا بِهِ بُشَراءُ
إن ذكرى مولد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم هو وقت للتأمل والوقوف على سيرته واستخراج الدروس والعبر التي نستفيدها في عصرنا الحديث وايضاً لفهم قيم الرحمة والعدالة والتسامح والوفاء بالعهد والامانة، التي دعا اليها نبينا عليه افضل الصلاة والسلام والتي تشكل اسساً مهمة للتعايش السلمي بين جميع البشر، وإن قارئ سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم يجد فيها أنه صلى الله عليه وسلم كان ذلك الشاب العفيف المستقيم، الصادق الأمين، الذي عُرِفَ في قومه قبل بعثته وبعدها بالأخلاق الفاضلة، والشمائل الكريمة، وكان أفضل قومه مروءةً، وأحسنهم خلقًا، وأصدقهم حديثًا، و أعفهم نفسًا، و أوفاهم عهدًا، كما يجد فيها أنه صلى الله عليه وسلم الصاحب الذي يحب أصحابه ويحسن إليهم، ويتواضع معهم، ويجيب دعوتهم، ويزور مرضاهم، ويشهد جنائزهم، ويدعو لهم ولأبنائهم بالخير والبركة، ويمازحهم، ويشفق عليهم، ويقضي حوائجهم، و يؤلِّفهم ولا ينفرهم، ويهتم بهم، ويشاركهم آلامهم وآمالهم، ويشعر بأحزانهم، ويخففها عنهم، ويحوِّل ألمهم أملًا، ومحنتهم منحة.
يتيح هذا اليوم للمسلمين فرصة للتفكير في كيفية تطبيق تعاليم النبي في حياتهم اليومية، كيف يمكن للرحمة والعدالة أن تكون موجودة في كل جانب من جوانب حياتنا، سواء كنا نتعامل مع الأصدقاء والعائلة أو في العمل والمجتمع، إن التسامح و الاحترام المتبادل يمكن أن يساهما في تعزيز التفاهم بين الثقافات المختلفة وتحقيق السلام العالمي الذي نطمح اليه.
يظهر العالم اليوم مستويات عالية من التحديات والصراعات وإن الرسالة التي جاء بها النبي محمد صلى الله عليه وسلم لا تزال ذات أهمية قصوى في مواجهة هذه التحديات، وإنها تذكير بأهمية التعاون والتضامن لمعالجة مشكلاتنا العالمية المشتركة، مثل التغير المناخي والفقر والجهل وغيرها من المشكلات.
في ذكرى مولد الحبيب عليه الصلاة والسلام كل إنسان مسلم لكي يحبه الله ورسوله، أن يجود بالنفس في سبيل رفعة وطنه وعلو شأنه، ومعه تحصيل غايته، وتحقيق بغيته لأنه يعلم أن المكارم منوطة بالمكاره، وأن المصالح والخيرات، كلها لا تنال إلا بحظ من المشقة، ولا يُعبر إليها إلا على جسر من التعب، وان المولد النبوي ليس مجرد حدث ديني بل هي مناسبة تجمع المسلمين وتلهمهم للعمل من اجل خدمة المجتمع وتحقيق السلام والتعايش الإنساني، وتجديدٌ للأمل والتلاحم في ظل التحديات العالمية التي يعيشها المجتمع.
إن من علو الهمة الحث والبذل والعطاء، قال “صلى الله عليه وسلم”: (انْ قَامَتِ السَّاعَةُ وَفِي يَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ، فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا تَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَغْرِسْهَا) دليل على اهمية العمل لاخر لحظة في حياة الانسان حتى يكون يعم النفع على انفسنا وغيرنا.
في الختام، في يوم ميلادك يا نبي الله يقف المسلمون صفًا واحدًا موحدين متحابين ينتمون إلى نبيهم العظيم الذي اصطفاه الله تعالى من بين جميع العباد ليُكلفه حمل الرسالة وتبليغ الأمانة، وليس غريبًا أن يشعر المسلمون في كل عام تمر فيه ذكرى ميلاد النبي أنّ هذا اليوم هو خاصٌ بهم جميعًا؛ لأنّه يملأ قلوبهم بالصفاء والبهجة وحب الحياة.
إقرأ ايضا : ثقافة العمل في المجتمع