في قلب الظروف القاسية التي تفرضها النزوح واللجوء، حيث تسيطر الحاجة إلى المأوى والطعام والدواء، تبرز معجزة صامتة ترفض الاستسلام إرادة التعليم، إنها الشعلة التي لا تنطفئ في عيون الأطفال الذين حوّلوا الخيام والأرضيات الترابية إلى فصول دراسية، والذين يرون في القلم والدفتر جسراً يعبرون به نحو مستقبل أفضل، في مخيمات النازحين واللاجئين، يصبح التعليم ليس مجرد حق، بل هو شكل من أشكال المقاومة والصمود.
التحديات: جدران تحيط بمسار التعليم
يواجه التعليم في المخيمات سلسلة من التحديات الهائلة التي تحاول أن تقتلع جذور الأمل:
- نقص البنية التحتية: تفتقر العديد من المخيمات إلى الفصول الدراسية الآمنة والمجهزة. فغالباً ما تكون الخيام عبارة عن كرفانات مزدحمة، أو غير مناسبة لمواجهة حر الصيف أو برد الشتاء، مما يحول عملية التعليم إلى تحدي يومي.
- نقص الكوادر التعليمية: يعاني المعلمون أنفسهم من ظروف النزوح، وغالباً ما يعملون بشكل تطوعي أو بأجور رمزية، مع نقص حاد في المواد التدريبية والتأهيلية التي تمكنهم من التعامل مع الصدمات النفسية التي يعاني منها الطلاب.
- الأثر النفسي: يحمل معظم أطفال المخيمات معهم جراحاً نفسية عميقة نتيجة ما شهدوه من حرب وتهجير، هذه الصدمات تنعكس سلباً على قدرتهم على التركيز والاندماج في العملية التعليمية.
- الوضع الاقتصادي: تضطر العديد من الأسر إلى دفع الأطفال للعمل لمساعدتها في تأمين لقمة العيش، مما يدفع بمعدلات التسرب من التعليم إلى مستويات مرتفعة.
- الفجوة الرقمية: في عصر التكنولوجيا، يجد أطفال المخيمات أنفسهم معزولين عن العالم الرقمي، محرومين من أدوات التعلم عن بعد التي أصبحت أساسية في العديد من أنحاء العالم.
نور في الظلام
على الرغم من هذه التحديات، تظهر قصص النجاح لتثبت أن الإرادة الإنسانية أقوى من أي ظرف، إنه الطفل الذي يمشي كيلومترات ليصل إلى “خيمة الدراسة”، والطالبة التي تتحدى العادات المجتمعية لتكمل تعليمها، والمعلم الذي يبتكر طرقاً بسيطة لشرح الدروس رغم شح الإمكانيات، هؤلاء هم الأبطال الحقيقيون الذين يبنون المستقبل بحجر الظروف الصعبة.

دور مؤسسة الركيزة للإغاثة والتنمية: رافعة للأمل
إدراكاً منا في مؤسسة الركيزة للإغاثة والتنمية لأهمية التعليم كحجر أساس لأي تنمية مستدامة، نعمل على تحويل هذه الإرادة إلى واقع ملموس من خلال برامج متكاملة تشمل:
· بناء وتأهيل المدارس: نحن نؤمن بأن الفصل الدراسي الآمن هو نقطة البداية. لذلك نعمل على إنشاء فصول دراسية، مجهزة بالتجهيزات الأساسية لضمان بيئة تعليمية ملائمة.
· دعم المعلمين: نقدم تدريبات للمعلمين على مهارات التعليم في حالات الطوارئ، وأساليب الدعم النفسي والاجتماعي، لتمكينهم من سند حقيقي لطلابهم.
· توفير الحقائب المدرسية واللوازم: نحن نزود الطلاب بالحقائب التي تحتوي على الكتب والدفاتر والأقلام، لتخفيف العبء المالي عن كاهل الأسر وتشجيع الأطفال على مواصلة تعليمهم.
· الأنشطة النفسية والاجتماعية: ندمج الأنشطة الفنّية والترفيهية والرياضية، المنهج التعليمي، لمساعدة الأطفال على التعبير عن أنفسهم والتعافي من الصدمات.
التعليم في المخيمات هو أكثر من كونه عملية نقل للمعرفة؛ إنه إعلان للكرامة الإنسانية، وتأكيد على أن الظروف لا تحدد المصير، إنه استثمار في المستقبل، حيث أن الطفل المتعلم اليوم هو الطبيب أو المهندس أو المعلم الذي سيعيد بناء وطنه الغد.
مؤسسة الركيزة للإغاثة والتنمية تدعوكم لأن تكونوا شركاء في هذه المسيرة، لدعم إرادة التعليم التي تتحدى الظروف، لأن في كل طفل نعلمه، نزرع بذرة أمل، ونضيء شمعة في ظلام النزوح.
معاً… نمكن التعليم، ونبني المستقبل.

