مع اقتراب أيام عيد الأضحى المبارك، تتجدد في نفوس المسلمين شعائر عظيمة ومظاهر للطاعة والتقوى، من أبرزها شعيرة الأضحية، التي شرعها الله تعالى إحياءً لسنة نبيه إبراهيم عليه السلام، حين فدى الله ولده إسماعيل بذِبْحٍ عظيم.
ما هي الأضحية؟
الأضحية هي ما يُذبح من بهيمة الأنعام (الإبل، والبقر، والغنم) تقربًا إلى الله تعالى في أيام النحر، من بعد صلاة عيد الأضحى وحتى غروب شمس اليوم الثالث من أيام التشريق (13 من ذي الحجة)، تعد الأضحية تعظيم لشعائر الله عز وجل وهي من الأعمال الصالحة التي يتقرب بها المسلمون إلى الله عز وجل، قال تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}، وتشمل الأضحية أحكام متعددة وتتمثل أهم أحكام الأضحية فى اتفاق معظم الفقهاء على أن الأضحية سنة مؤكدة، فلا يوجد إثم في تركها، ولكن يتغاضى المسلم عن ثواب كبير بتركها، إذا كان مقتدرا، وهناك حديث عن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم يؤكد ثواب الأضحية الكبير فعن عائشة رضى الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما عمل آدمي من عمل يوم النحر أحب إلى الله من إهراق الدم، إنها لتأتي يوم القيامة بقرونها وأشعارها وأظلافها، وإن الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع من الأرض، فطيبوا بها نفسا».
بينما أكد بعض أهل العلم أن الأضحية واجبة على كل مسلم قادر، منهم أبو حنيفة، ومالك فى أحد قوليه، ولذلك فمن باب الاحتياط للمسلم أن لا يترك الأضحية خاصة اذا كان مقتدرا بها ، لما فيها من تعظيم لشعائر الله وذكره ، ولما في ذلك من براءة الذمة.
فضل الأضحية
- قُربة عظيمة إلى الله هي من أعظم الطاعات في أيام العيد، تُمثّل الاستسلام والطاعة لله.
- إحياء لسنة الخليل إبراهيم والنبي محمد عليهما الصلاة والسلام.
- مظهر للتكافل الاجتماعي بتوزيع لحم الأضاحي على الفقراء والمحتاجين، تُرسّخ قيم التعاون والرحمة.
- شكر لله على النعم بتقديم شيء من المال والأنعام، يُظهر العبد شكره لله على ما أنعم به من رزق وسعة حال.
- أجر عظيم الأضحية تُكفّر الذنوب وتزيد الحسنات، والدم الذي يُسفك في سبيل الله له مكانة عظيمة عنده سبحانه.
لمن تكون الأضحية؟
تُستحب الأضحية للمسلم القادر، ويُكفى عن أهل بيته بأضحية واحدة، ويُسن أن يأكل منها، ويُهدي ويتصدّق، كما كان يفعل النبي ﷺ، والأضحية عبادة وقربى في حق المسلم القادر للتوسعة على الأهل والأقارب وللتفريج عن الفقراء والمساكين،وعلى المضحي أن ينوي الذبح تقرباً إلى الله تعالى.
ويُسنّ للمسلم الذي ينوي ذبح الأضحية أن يكفَّ عن الأخذ من شعره وأظافره إذا هلَّ هلال ذي الحجة حتى موعد ذبح أُضحيته. ففي الحديث الصحيح عن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله ﷺ قال: « إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظافره ». وفي رواية: « فلا يأخذن شعراً ولا يقلمنَّ ظفراً ».
ما هي أحكام الذبح في عيد الأضحى؟
أجمع معظم الفقهاء على أن الأضحية ليست واجبة، ولكنها سنة مؤكدة ولها ثواب عظيم في الدنيا والآخرة، ولابد من كل مسلم الالتزام بأحكام الذبح في عيد الأضحى كما كان يفعل رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، ومن أحكام ذبح الأضحية:
- 1- التأكد من سلامة الأضحية واختيار افضل الانواع.
- 2- توجيه الأضحية نحو القبلة عند الذبح.
- 3-عدم اظهار سكين الذبح للأضحية.
- 4- عدم ذبح الأضحية أمام أضحية أخرى.
- 5- ذكر اسم الله عز وجل عند الذبح بقول بسم الله والله اكبر.
شروط الأضحية
- ان تكون من بهيمة الانعام
- ان تبلغ السن المحدد شرعاً
- ان تكون خالية من العيوب الظاهرة
- أن تذبح الأضحية في الوقت المخصص شرعًا وهو من بعد صلاة عيد الأضحى المبارك وحتى غروب شمس آخر أيام التشريق.
كيفية توزيعها
اختلفت المذاهب الأربعة في كيفية توزيع الأضحية، وذهب الفقهاء في ذلك إلى ثلاثة أقوال:
- القول الأول: وهو رأي الحنفيّة والحنابلة باستحباب تقسيم الأُضحية إلى ثلاثة أجزاء، ثلث للفقراء، وثلث للمضحي، وثلث للإهداء، وقال الحنفيّة إنّ الأفضل للمُضحي إن كان مُوسِراً أن يتصدق بالثلثين، ويأكل الثّلث.
- القول الثاني: رأى الشافعيّة بأفضلية توزيع الأُضحية على الفقراء والمحتاجين، وأن يأكل منها المُضحّي القليل.
- القول الثالث: قال المالكيّة بعدم وجود قسمةٍ مُعينة في توزيع الأُضحية، فللمُضحّي الحرية الكاملة في تقسيمها، وتوزيعها كما يشاء، فيأكل منها ما يشاء، ويتصدق بما يشاء، ويُهدي ما يشاء، ويوزّع الأضحية على الأقارب، وقد استدلّوا بما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن ثوبان مولى الرسول ﷺ، (ذَبَحَ رَسولُ اللهِ ﷺ ضَحِيَّتَهُ، ثُمَّ قالَ: يا ثَوْبَانُ، أَصْلِحْ لَحْمَ هذِه، فَلَمْ أَزَلْ أُطْعِمُهُ منها حتَّى قَدِمَ المَدِينَةَ).
إن الأضحية ليست مجرد عادة أو مظهر احتفالي، بل هي عبادة عظيمة تعلّمنا الإخلاص، وتربطنا بسنة الأنبياء، وتغرس فينا معاني العطاء والخير، فالكثير من العوائل تنتظر اضاحيكم بكل امل، فلنحرص على إحياء هذه الشعيرة كما أمرنا الله، ولنجعلها مناسبة للفرح والطاعة والتقرب إلى الله تعالى.
وتعد مؤسسة الركيزة للإغاثة والتنمية من أفضل الجهات الموثوقة التي يمكنك التبرع بأضحيتك من خلالها.