السكن اللائق .. حق إنساني
خاص – الركيزة
يشير مصطلح “منزل لائق” او ” سكن لائق ” عادة إلى مسكن يلبي معايير أساسية معينة من السلامة والسكن والراحة. في حين أن التعريف الدقيق قد يختلف اعتمادًا على العوامل الثقافية أو الإقليمية أو القانونية، فقد أشار الحديث النبوي الشريف إلى واحدة من هذه المعايير وهي (المسكن الواسع) على أنه أحد معايير السعادة، كما روى أهل السنن عن سعد بن أبي وقاص – رضِي الله عنه – عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: ((أربعٌ من السعادة: المرأةُ الصالحة، والمسكنُ الواسِع، والجارُ الصالح، والمَرْكَب الهنيء، ..)) وغيرها ما على أن السكن اللائق حق إنساني أصيل أكدته الشرائع السماوية والأرضية.
ما هو السكن اللائق؟
فضلا عن الوسع والمساحة فهناك عدد من المعايير الأخرى التي يمكن اعتبارها في زماننا هذا من أساسيات ومعاير اعتبار المنزل بأنه مسكن لائق، يمكن إجمالها على وجه العموم بالخصائص التالية:
- السلامة الهيكلية للبناء وخلوه من الأضرار التي يمكن أن تعرض شاغليه للخطر.
- أن يكون حجم المنزل كافٍ لاستيعاب شاغليه بشكل مريح، مع وجود مساحة معيشة كافية لاحتياجاتهم.
- احتواء المنزل على المرافق الأساسية مثل الكهرباء والمياه النظيفة وأنظمة التدفئة أو التبريد، حسب المناخ.
- أن يشتمل على مرافق صرف صحي مناسبة، بما في ذلك الحمامات وآليات التصريف الصحية للفضلات.
- ضمان تركيب وصيانة الأنظمة الكهربائية والسباكة بأمان لمنع الحوادث والمخاطر الصحية.
- التهوية والإضاءة المناسبة هي أيضا من معايير المنزل اللائق، إذ يجب أن يحتوي المنزل على إضاءة طبيعية كافية وتهوية مناسبة لضمان بيئة معيشية صحية ومريحة.
- ان يكون بناء المنزل بطريقة تحمي شاغليه من التقلبات المناخية، مثل المطر والرياح ودرجات الحرارة القصوى.
- موقع السكن نفسه يمكن أن يكون واحد من هذه المعاير، بأن يتواجد البناء في مكان آمن ومناسب نسبيًا، مما يوفر الوصول إلى الخدمات الأساسية ووسائل النقل العام والمدارس ومرافق الرعاية الصحية.
- من الناحية المثالية، ينبغي أن يكون المنزل مصممًا لاستيعاب الأشخاص ذوي الإعاقة، بالإضافة إلى توافق بناء المنزل وتصميمه مع قوانين ولوائح البناء المحلية.
السكن اللائق حق إنساني مجمع عليه
مفهوم المنزل اللائق هو مفهوم ضروري في المناقشات حول حقوق الإسكان وسياسات الإسكان الاجتماعي وضمان حصول الجميع على ظروف معيشية لائقة. قد يكون لدى البلدان والمنظمات المختلفة مبادئ توجيهية وتعريفات محددة لما يشكل منزلاً لائقًا، ولكن الهدف الشامل هو ضمان أن يكون السكن آمنًا ومناسبًا للسكن البشري.
والحصول على سكن لائق معترف به على نطاق واسع كحق أساسي من حقوق الإنسان، والحق في السكن اللائق منصوص عليه في مختلف الصكوك الدولية لحقوق الإنسان، بما في ذلك:
تنص المادة 25 أولاً من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على: لكلِّ شخص حقٌّ في مستوى معيشة يكفي لضمان الصحة والرفاهة له ولأسرته، وخاصَّةً على صعيد المأكل والملبس والمسكن والعناية الطبية وصعيد الخدمات الاجتماعية الضرورية.
-
العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية:
تعترف المادة 11 أولاً من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على وجه التحديد ” بحق كل شخص في مستوى معيشي كاف له ولأسرته، يوفر ما يفي بحاجتهم من الغذاء والكساء والمأوى “.
-
المعاهدات الإقليمية لحقوق الإنسان:
تتضمن مختلف معاهدات حقوق الإنسان الإقليمية، مثل الميثاق الاجتماعي الأوروبي والميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، أحكامًا تعترف بالحق في السكن.
واجب الحكومات في توفير السكن اللائق
يعني الاعتراف بالسكن كحق من حقوق الإنسان أن الحكومات ملزمة باتخاذ تدابير لضمان حصول جميع الأفراد والأسر على السكن اللائق.
ويشمل ذلك اعتماد سياسات وبرامج لمعالجة التشرد والقدرة على تحمل تكاليف السكن وجودة السكن. فضلاً عن منع عمليات الإخلاء القسري وتقديم المساعدة للمحتاجين.
ومع ذلك، من المهم الملاحظة بأن كون ” الحق في السكن اللائق ” هو حق معترف به في القانون الدولي. إلا أنه يمكن أن يختلف في تنفيذه وإعماله بشكل كبير عبر مختلف البلدان والمناطق.
إذ يمكن أن تؤثر العوامل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية على مدى فعالية حماية هذا الحق وإعماله في الممارسة العملية. لذلك فإن المناصرة والجهود المستمرة ضرورية لضمان احترام حقوق السكن للجميع، بغض النظر عن وضعهم الاجتماعي والاقتصادي.
الآثار المترتبة على السكن غير اللائق
يمكن أن يكون للعيش في منزل غير لائق عواقب اجتماعية سلبية مختلفة على الأفراد والمجتمعات. فيما يلي بعض الآثار الاجتماعية المحتملة:
- الصحة والرفاهية: يمكن أن يؤدي السكن غير اللائق إلى ظروف معيشية سيئة، مثل الرطوبة والعفن وعدم كفاية التدفئة أو التبريد ونقص الصرف الصحي المناسب. إذ قد تؤدي هذه الحالات إلى حدوث مشاكل صحية في الجهاز التنفسي أو الحساسية والأمراض الأخرى.
- التعليم: قد يؤثر العيش في مساكن غير لائقة على قدرة الأطفال على التعلم والتركيز. إذ ان الظروف المعيشية المكتظة أو غير الآمنة قد تؤدي إلى التوتر والانحرافات، مما يجعل من الصعب على الأطفال التركيز على دراستهم.
- الفقر وعدم المساواة: في كثير من الحالات، من المرجح أن يكون الأفراد أو الأسر الذين يعيشون في مساكن غير لائقة من خلفيات منخفضة الدخل. وقد يؤدي عدم الحصول على سكن لائق إلى إدامة دوامة الفقر وتفاقم أوجه عدم المساواة الاجتماعية.
- الوصم الاجتماعي: قد يعاني الأشخاص الذين يعيشون في مساكن غير لائقة من الوصم الاجتماعي أو التمييز بسبب ظروفهم المعيشية. مما يؤثر على احترامهم لذاتهم وصحتهم العقلية والنفسية واندماجهم الاجتماعي بشكل عام.
- العزلة الاجتماعية: قد يكون السكن غير اللائق موجودًا في مناطق ذات وصول محدود إلى الخدمات والمرافق الأساسية. مما يقود إلى العزلة او تقليل التفاعل الاجتماعي والمشاركة المجتمعية.
- الجريمة والسلامة: قد تشهد المناطق التي تتركز فيها المساكن غير اللائقة معدلات جرائم أعلى ومخاوف تتعلق بالسلامة. مما يؤدي إلى انخفاض الشعور بالأمان بين السكان.
- الاستقرار الأسري: يمكن أن تؤدي ظروف السكن غير المستقرة وغير الملائمة إلى الضغط على الأسر. مما يؤثر على العلاقات والاستقرار الأسري بشكل عام.
- التشرد: يمكن أن تؤدي الحالات المتطرفة للسكن غير اللائق إلى التشرد، أو النزوج أو الهجرة القسرية. مما يؤدي إلى مجموعة من المشاكل الاجتماعية الأخرى للأفراد والأسر.
الخاتمة
إن معالجة الإسكان غير اللائق وضمان الحصول على سكن لائق ليس فقط لكونه حق إنساني من حقوق الإنسان. ولكن أيضًا مسألة حيوية لتعزيز الرفاه الاجتماعي والحد من عدم المساواة وبناء مجتمعات أقوى وأكثر صحة. ويجب على الحكومات وصانعي السياسات والمنظمات العمل على تنفيذ سياسات وبرامج الإسكان التي تعطي الأولوية لتوفير مساكن آمنة وبأسعار معقولة للجميع.