لطالما كان الشباب المحرك الاساسي للتغيير في المجتمعات، حيث يمتلكون الطاقة، الإبداع، الحماس، في هذا السياق تلعب منظمات المجتمع المدني دوراً هاماً في استيعاب طاقات الشباب وتوجيهها نحو تحقيق أهداف تنموية مستدامة، ومن هنا فقد ارتبطت أنواعٌ معيّنة من الأعمال بهذه الفئة، ولعلَّ أبرز هذه الأعمال الأعمالُ التّطوّعيّة التي تتّسم غالباً بالتّنظيم، والتي تَهدف إلى إنجاز منجَزات عديدة، ومُتنوِّعة، وخدمةِ المُجتمعِ المحليّ، وربما الخارجيِّ أيضاً.
يحتاج نشر ثقافة العمل التّطوّعي بين الشّباب إلى مجهوداتٍ مشتركة، على الرّغم من أنّ نسبة إقبال الشّباب على مثل هذه الأعمال آخذةٌ بالازدياد، ولتحقيق ذلك، يُمكن استغلال الوسائل الإعلاميّة المختلفة، ووسائل التّواصل الاجتماعيّ التي تستطيع مخاطبة الشّباب بلغتهم، كما يُمكن أيضاً إدخال الأعمال التّطوعية في سائر المراحل الحياتيّة التي يمرُّ بها الإنسان في فترتي المُراهقة والشّباب، وجعلِها مرتبطةً بغاياتهم وأهدافهم التي يسعون إلى تحقيقها، كمنح الشّباب المُتفوقين في الأعمال التّطوعية بعض التّسهيلات عند التحاقهم بالمؤسّسات التّعليميّة المختلفة، حيث إنها تُساعد على دفعهم نحو التميُّز في مثل هذه الأعمال الضّرورية لبناء مجتمعات متينة ومُتماسكة.
العمل التطوعي في الإسلام يحتل مكانة رفيعة ويعد من القيم الإنسانية النبيلة التي تحث عليها الشريعة الإسلامية، فقد جعل الإسلام من التطوع وسيلة لتحقيق التكافل الاجتماعي ونشر الخير في المجتمع، ويبرز ذلك في العديد من النصوص القرآنية والأحاديث النبوية التي تحث على البذل والعطاء ومساعدة الآخرين، قال الله تعالى: “وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ” (المائدة: 2)، هذه الآية توضح أهمية التعاون في الخير والعمل التطوعي لتحقيق الصلاح، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: “من نفّس عن مؤمن كربةً من كرب الدنيا، نفّس الله عنه كربةً من كرب يوم القيامة”، يدل الحديث على فضل تفريج كرب الآخرين، وهو من جوهر العمل التطوعي.
أهمية العمل التطوعي
العمل التطوعي هو الجهد الذي يبذله الإنسان اختيارياً دون إجبار، بهدف تحقيق منفعة عامة أو مساعدة الآخرين، ابتغاء مرضاة الله، وتكمن أهميته في:
- 1. تحقيق التكافل الاجتماعي: يعزز العمل التطوعي روابط الأخوة والمحبة بين أفراد المجتمع.
- 2. إرضاء الله تعالى: يُعتبر العمل التطوعي من الأعمال الصالحة التي ينال بها المسلم الأجر والثواب.
- 3. تنمية الشعور بالمسؤولية: يدفع المسلم لتحمل المسؤولية تجاه مجتمعه وأمته.
- 4. تقوية الروابط الاجتماعية: من خلال مساعدة الآخرين والتفاعل مع حاجاتهم.
أثر العمل التطوعي
- يساهم في تحسين حياة الأفراد.
- يعزز من قيمة التضامن في المجتمع.
- ينشر روح الخير ويزرع الأمل في قلوب المحتاجين
مجالات العمل التطوعي
- التعليم: مثل تعليم القراءة والكتابة أو المهارات المفيدة للآخرين.
- الإغاثة: مساعدة الفقراء والمحتاجين، وإغاثة المنكوبين في الحروب أو الكوارث.
- البيئة: المشاركة في حماية البيئة والحفاظ على مواردها.
- الصحة: تقديم الرعاية الطبية أو الدعم النفسي للمحتاجين.
دور الشباب في العمل التطوعي
إن تدريب الشباب على التطوع المجتمعي وتنمية قدراتهم يجعل لهم دورًا كبيرًا وفعالًا وتأثيرًا ملحوظًا في تغيير المجتمع، مثل:
- الشغف والحماس
يتميز الشباب بالحماس والشغف للقضايا الاجتماعية، لأنهم يمتلكون رغبة قوية في التغيير والمساهمة في تحسين المجتمع، فيعمل الشباب كقوة دافعة للعمل التطوعي، حيث يساهمون بأفكار جديدة ويعززون الحلول المبتكرة للتحديات المجتمعية.
- الطاقة والإبداع
يتمتع الشباب بطاقة وإبداع كبيرين، بالإضافة إلى امتلاكهم رؤية جديدة ومنظور مختلف عن الأمور، فيستخدم الشباب طاقتهم وإبداعهم في تصميم وتنفيذ مشاريع التطوع وتحقيق التغيير لأنهم قادرون على تطوير أساليب جديدة لحل المشكلات.
- التكنولوجيا ووسائل الاتصال
يتمتع الشباب بمهارات تقنية وتكنولوجية متقدمة، علاوة على ذلك، فإنهم يمتلكون خبرة واسعة في استخدام وسائل الاتصال والشبكات الاجتماعية، فيستخدم الشباب هذه المهارات للتواصل والترويج للعمل التطوعي، كما أنهم يساهمون في تحسين الوصول إلى جمهور أوسع.
- القدرة على التأثير والتغيير
يمتلك الشباب القدرة على التأثير والتغيير في المجتمع، إنهم قادرون على تحفيز الآخرين وإلهامهم وتحويل الرؤى إلى واقع.، يعتبر الشباب روادًا ومبتكرين في مجالات مثل ريادة الأعمال الاجتماعية والتكنولوجيا والفنون والتغيير الاجتماعي.
- القوة العاملة المتاحة
يعد الشباب مصدرًا قيمًا للقوة العاملة في العمل التطوعي، لأنهم يمثلون شريحة كبيرة من السكان ويمتلكون الموارد البشرية والقدرات التي يمكن استغلالها في تحقيق أهداف المشاريع التطوعية.
تهتم مؤسسة الركيزة للإغاثة والتنمية بتدريب الشباب على التطوع المجتمعي وتنمية قدراتهم، ويشمل هذا التدريب تطوير المهارات الاجتماعية مثل التواصل والقيادة وحل المشكلات، وتعزيز المهارات التقنية والتكنولوجية، وتعليم الشباب كيفية التخطيط وتنفيذ مشاريع تطوعية في مجالات متنوعة مثل الرعاية الصحية، والتعليم، وحماية البيئة، والمساعدة الاجتماعية، ومبادرات لإعادة تأهيل المناطق النائية، ومن خلال هذه المشاريع يتاح للشباب فرصة التفاعل مع المجتمع، وبالتالي تعلم قيم الخدمة والمشاركة الاجتماعية.