تغير المناخ..الأسباب والحلول، يصنف العراق خامس بلدان العالم عرضة للتدهور المناخي، وان التعامل مع المناخ يتطلب جهوداً عالمية للحد من الانبعاثات وتعزيز الاستدامة، ويواجه بلدنا تحديات كبيرة التي تؤثر بشكل واضح على البيئة والاقتصاد والحياة اليومية.
الأسباب الرئيسية لتغير المناخ :
- إرتفاع درجات الحرارة: العراق من بين اكثر الدول تعرضاً لارتفاع درجات الحرارة مما يؤدي الى زيادة الضغط على الكهرباء والماء.
- النشاطات اليومية: استخدام السيارات والطائرات والتدفئة والتبريد في المنازل يساهم في زيادة الانبعاثات..
- الجفاف ونقص المياه: بلدنا يعتمد بشكل كبير على نهري دجلة والفرات لتأمين احتياجاته من المياه، ومع تغير انماط سقوط الامطار وتراجع تدفقات المياه.
- الهجرة الداخلية: نتيجة تدهور الظروف البيئية يهاجر اهل الريف الى المدن بحثاً عن فرص للعمل افضل مما يضغط على الموارد في المدن.
- قطع الاشجار: يُقلل من قدرة الغابات على امتصاص ثنائي اوكسيد الكاربون مما يسهم في زيادة تركيزه في الهواء.
إن الموقع الجغرافي يؤثر على كمية الشمس التي تتلقاها المنطقة مما يؤثر على درجات الحرارة، بالإضافة للانشطة البشرية اليومية مثل التصنيع والزراعة وإزالة الغابات التي تزيد من الغازات الدفيئة وتؤثر على المناخ.
تغير المناخ يهدد حقوق الإنسان :
لا يؤثر تغير المناخ في العراق على القطاع الزراعي فحسب بل يمثل تهديداً خطيراً لحقوق الإنسان الأساسية ويضع عوائق أمام التنمية المستدامة ويفاقم التحديات البيئية والأمنية والسياسية والاقتصادية التي تواجهها البلاد،
في عام 2021 شهد العراق ثاني أكثر مواسمه جفافاً منذ 40 عاماً بسبب الانخفاض القياسي في هطول الأمطار، كما تجف الأهوار التاريخية في الجنوب، وهي إحدى عجائب التراث الطبيعي، وتتصاعد درجات الحرارة في العراق، حيث سجلت أعلى درجة حرارة بلغت حوالي 54 درجة مئوية في البصرة. ويعني انخفاض منسوب مياه الأنهار أن مياه البحر تندفع داخل الأراضي الجنوبية، مع تهديد الملوحة للزراعة، إن سبل عيش مجتمعات بأكملها وحتى وجودها على المحك.
يؤدي تغير المناخ إلى ترسُّخ أوضاع الفقر، وهو الأمر الذي يسهم في الهشاشة. وفي السيناريو المحتمل لانخفاض نسبته 20% في إمدادات المياه، يتوقع تقرير المناخ والتنمية الخاص بالعراق أن تزيد أسعار الاستهلاك أكثر من 13%، فتؤدي إلى زيادةٍ في معدل الفقر، وقد يعجل تغير المناخ، بما له من آثار عميقة على أسواق العمل، حدوث تحوُّل في العقد الاجتماعي في العراق. وكما ورد في تقرير المناخ والتنمية الخاص بالعراق، مازال القطاع الزراعي ثاني أهم مَصدرٍ لفرص العمل والتوظيف للفقراء بعد قطاع الإنشاءات، وذلك على الرغم من تدنِّي دخوله، ومع ذلك سيتحمَّل القطاع الزراعي وطأة آثار تغير المناخ، إذ أن شح الموارد المائية المتوقع سيُقلِّص الطلب على الأيدي العاملة غير الماهرة، ويُشدِّد تقرير المناخ والتنمية الخاص بالعراق على أن التحوُّل العالمي الأوسع بعيداً عن استخدام الوقود الاحفوري، سيؤدي إلى تراجع الطلب على صادرات النفط العراقي في نهاية المطاف.
تقرير البنك الدولي حول تغير المناخ :
يفيد التقرير بأن العراق يندرج ضمن البلدان الأكثر عرضةً لصدمات تغير المناخ، سواء من حيث التداعيات المالية أو المادية ومنها ارتفاع درجات الحرارة، وشح المياه، لقد ازدادت انبعاثات الكربون في العراق إلى أكثر من الضِعف على مدار العقد الماضي، وسجَّل العراق واحداً من أعلى معدلات كثافة انبعاثات الكربون (نسبة الانبعاثات إلى إجمالي الناتج المحلي) بالمقارنة مع نظرائه من حيث الدخل من البلدان الأخرى في المنطقة، وتساهم قطاعات الكهرباء، والنفط والغاز، والنقل في نحو ثلاثة أرباع الانبعاثات في البلاد، ويُمكِن أن يؤدي اتخاذ المسارات الملائمة في خفض انبعاثات الكربون في قطاع الكهرباء إلى مكاسب إضافية كبيرة في مستويات النمو والإنتاجية.
اعتمد تقرير المناخ والتنمية الخاص بالعراق على نهج محوره الإنسان لإدراك الآثار المترتبة على تغير المناخ وإثراء التحليل والتوصيات بشأن السياسات، كما أجريت مناقشات ومشاورات موسعة مع فئات متنوعة من أصحاب المصلحة، وتم تشكيل مجموعة استشارية لتقرير المناخ والتنمية تتألف من ممثلين عن حكومة العراق والقطاع الخاص والمؤسسات الأكاديمية.
دور المُجتمع المدني :
يُعدّ المجتمع المدني مِن الجهات الفاعلة الأخرى المهمة التي ويجب على الحكومة العراقيّة إشراكه في استجابتها لتغيّر المُناخ، لاسيما النَّاشطين في مجال تغيُّر المناخ والبيئة، كانت جهود المجتمع المدني العراقي عامّة حاسمةً في دعم الحكومة في مختلف الأزمات والمواضيع. ونظرًا لأنّ السّلطات الحكومية تعاني مِن عدم كفاية القدرات اللازمة لتنفيذ استراتيجيّة قويّة للتكيُّف مع المناخ والتخفيف مِن آثاره، فقد يكون دمج قدرات المجتمع المدني المتطوّرة ضروريًّا لتحقيق المُساهمات المُحدَّدة وطنيًّا والطّموحة في العراق.
لقد تعرَّضت العلاقة بين المجتمع المدني العراقي والسّلطات العراقيّة للاختبار عدّة مرات، خصوصا خلال السّنوات الماضية عندما أثارت قضايا المياه والطّاقة وتوفير الخدمات العامّة احتجاجات شعبيّة، وعمّقت الاحتجاجات انعدام الثّقة والصّراع بين الجهات الفاعلة الحكوميّة، التي ينتمي بعضها إلى الجماعات المسلّحة، وأعضاء المجتمع المدني الذين كانوا يدعون إلى تحسين الوصول إلى الخدمات العامّة، وتحديدا المياه. إنّ إيجاد مسارات جديدة للعمل مع المجتمع المدني، في ظل استمرار النّزاعات الدّاخليّة، يُعدّ فرصة أمام الحكومة العراقيّة لتعزيز بناء السّلام وحوار ما بعد الحرب.
بعض الحلول المقترحة:
- إدارة الموارد المائية بشكل فعال، تطوير شبكات الري وإصلاح أنابيب المياه القديمة لتقليل الهدر.
- تشجيع الزراعة المستدامة من حيث تنويع المحاصيل والتشجيع على زراعة محاصيل تتحمل الجفاف والحرارة العالية.
- تطوير مصادر الطاقة الشمسية والرياح، التي يمكن استغلالها لتقليل الاعتماد على الوقود.
- الحد من تلوث الهواء بسبب الانبعاثات الواردة من وسائل النقل والمكائن والمصانع.
- رفع الوعي البيئي لدى الناس من خلال اقامة حملات توعية حول اهمية البيئة وترشيد الاستهلاك، وتعزيز ذلك في المناهج الدراسية لزيادة وعي الاجيال الجديدة بالتحديات البيئية.
إجمالاً، فإنه إن كانت مسألة إدارة تغير المناخ تأخذ وقتاً طويلاً إذ أنها ترتبط بالتفاعل بين الجهات العامة والخاصة ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات الحكومية وغير الحكومية، في إيجاد الحلول الفعالة نحو مكافحة التغير المناخي، إلا أن ذلك قد يحدث بوتيرة أسرع في تلك المجتمعات المؤمنة بخطورة ظاهرة التغير المناخي، في ظل وجود حكومات قادرة وراغبة في اتخاذ تدابير داعمة لمكافحة التغير المناخي، ومُرحِّبة بإشراك كافة الفاعلين، بما في ذلك منظمات المجتمع المدني؛ من أجل المساهمة في تحقيق الأهداف المناخية العالمية.
إن حالة العراق تُجسِّد التحديات التي تواجهها كثير من البلدان المعرضة للتدهور البيئي وتوضح كيف أن البلاد تستلزم معالجة الآثار الناجمة عن تغير المناخ.
إقرأ ايضاً : كيف نكون اصدقاء للبيئة