ثقافة العمل الخيري في المجتمع
العمل الخيري هو نشاط يقوم به بعض الأفراد أو الجمعيات الخيرية بهدف تقديم سلع ما أو خدمات أو غير ذلك مما يحتاج إليه الناس في حياتهم اليومية، وهذا العمل النبيل يكون بدون مقابل كونه عمل لا يهدف لجني ربح أو عائد أو مصلحة شخصية من وراءه.
يمثل العمل الخيري قيمة إنسانية كبرى تتمثل في العطاء والبذل بكل أشكاله، فهو سلوك حضاري حي لا يمكنه النمو سوى في المجتمعات التي تنعم بمستويات متقدمة من الثقافة والوعي والمسؤولية.
العمل الخيري ودوره في تنمية المجتمع
توجد علاقة قوية بين العمل الخيري وتنمية المجتمع ونجاحه، حيث تبين معظم الوقائع التاريخية إلى أن التنمية ناتجة عن مجهودات الإنسان حيث أنه العنصر الأساسي للتنمية، لذلك فإن الهدف الأهم للتنمية هو الارتقاء بحياة الإنسان في جميع مجالات الحياة الاقتصادية والاجتماعية والصحية والثقافية، ومن الأساسيات الهامة أن التنمية تقوم على أساس الجهد البشرى الذي يستلزم وجود الإنسان القادر على المشاركة، بالإضافة إلى خطط محددة وواضحة.
يلعب العمل الخيري دورا مهما وإيجابيا في تطوير المجتمعات وتنميتها فمن خلال المؤسسات التطوعية الخيرية يتاح لكافة الأفراد الفرصة للمساهمة في عمليات البناء الاجتماعي والاقتصادي اللازمة كما يساعد العمل الخيري على تنمية الإحساس بالمسؤولية لدى المشاركين ويشعرهم بقدرتهم على العطاء وتقديم الخبرة والنصيحة في المجال الذي يتميزون فيه.
إن العمل الخيري يحمي الفرد والمجتمع من الآفات والجرائم والانحرافات ويؤمن كذلك للمجتمع الضروريات التي تحفظ كرامته وتعينه على نوائب الدهر.
ومن هنا ندرك أهمية العمل الخيري في حماية المجتمع من انتقام المحرومين والمحتاجين وتربية الأفراد على البذل والعطاء ومشاركة الآخرين وتنمية العلاقات الأخوية التي تقوّي دعائم المجتمع الإسلامي.
العمل الخيري في الاسلام
حدد المولى عز وجل المسار المنشود للتعاون العظيم، الذي على أساسه تقوم الحضارات وتبنى الثقافات:
( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ) (المائدة:2)،
قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة… والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه )
لابد للإشارة هنا إلى أن التاريخ الإسلامي تطبيقا لما أشرنا إليه من نصوص عقائدية وردت في القران الكريم وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم حفل بمثل تلك المفاهيم، فالأنصار والمهاجرون أعظم تطبيقات التكافل الاجتماعي القائم على العمل التطوعي والخيري، وحتى كتاب الوحي الذي كانوا يمارسون دورهم في توثيق آيات القران الكريم الذي يمثل أهم ركن في عقيدة المسلمين فهو منهاج حياتهم ودستور دولتهم .
وكذلك كان بناء المسجد النبوي الشريف وحفر الخندق وغيرها من الأعمال التطوعية التي كان يتسابق لها المسلمون فالتعليم وكفالة اليتيم ورعاية الأرملة والعجوز ورعاية طالب العلم وسقيا الماء وما كان ينتدب إليه الرسول صلى الله عليه وسلم من أعمال خيرية نذكر منها دعوته صلى الله علي وسلم لشراء بئر ماء احتاج المسلمون إليه منعه عنهم صاحبه، وغيرها الكثير ومما كان يبتدر به أيضا أصحاب الخير رغبة في الأجر .
يسعى كل فرد مسلم إلى إعمار دنياه بأعمال البر والخير ومساعدة المحتاجين وإرشاد الضالين، وفك الكرب عن المكروبين، وملاطفة اليتامى والمقهورين، ومصاحبة الفقراء والمعوزين، والذود عن الضعفاء والمستنجدين، فلمثل هذا الدور خلقنا، ولهذا الدور وجهنا المصطفى صلى الله عليه وسلم ، وبهذا الدور يكون المسلم حقيقا بريادة البشرية وخيرية الأمم.
وفي النهاية علينا فعل الخير وتقديمه بكل صنوفه ولكل من يحتاجه ولا نبخل به لو استطعنا ابداً، فذلك يؤدي إلى التضامن والمحبة تعزز الأواصر الاجتماعية وخلق مجتمعات متماسكة، تنبذ تراكمات السلبيات المجتمعية، وليس نحن فقط وضرورة ترسيخ دلالاته لأولادنا ونغرسه في نفوسهم منذ الصغر، من خلال المطبوعات الورقية او التوجيه الصائب، فالأطفال نحن الذين نغرس فيهم ونعلّمهم ثنائية الخير والشر والعزوف عن الصفات السلبية وبالنتيجة سيكونون هؤلاء هم حصادنا، الذي زرعناه ونجني الثمار الخيرة وإن كان زرعنا شراً فستكون الثمار غير مرضية.
اقرأ ايضاً: العمل التطوعي .. التحديات وسبل التطوير