خاص – الركيزة
في كل بقاع العالم تقريبا، وعند مختلف الثقافات، تجتمع البشرية على فضل وأهمية كفالة اليتيم ورعايته. وحتى من خارج المنطلقات الدينية أو الإنسانية، تبقى هناك دوافع واعتبارات متعلقة بأمن واستقرار البلدان والشعوب، وسلامة نسيجها الاجتماعي. وهو ما جعل الكفالة أكثر من مجرد مبلغ مالي ترسله إلى عائلة أو مؤسسة خيرية، وإنما أصبحت للكفالات اليوم بعد تربوي وتعليمي وصحي أيضا.
من هو اليتيم؟
اليتيم في اللغة هو الذي يموت أبوه قبل أن يصل سن البلوغ، و(العجيّ) هو الذي تموت أمه، و(اللطيم) هو الذي يموت أبواه قبل سنة البلوغ، غير أنه في الاصطلاح القانوني العراقي، فإن جميع الحالات تسمى (يتيم)، وتسري عليه كافة الأحكام القانونية لليتيم حتى يبلغ سن الرشد أو السن القانونية للبلوغ. وفي معظم الدول، بما في ذلك العراق، فإن سن البلوغ يكون عادة عندما يبلغ الفرد 18 عاماً.
وعندما يبلغ الفرد سن البلوغ، يتم اعتباره بالغًا من الناحية القانونية ويفقد الحقوق والإجراءات الخاصة بالأيتام. وفي ذلك الوقت، يكون لديه القدرة على اتخاذ قراراته القانونية بشكل مستقل وممارسة حقوقه وواجباته بنفسه.
فضل كفالة اليتيم في الدنيا والآخرة
وتحظى كفالة اليتيم بتقدير ومكانة عاليين في الشرائع الإلهية والوضعية على حد سواء، فهي قاعدة أخلاقية وإنسانية تجتمع عليها العديد من الثقافات والأديان. باعتبار كفالة اليتيم ورعايتها من أفضل الأعمال الصالحة التي تجلب النفع للفرد والمجتمع على حد سواء.
إذ يكفي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جعل منزلة كافل اليتيم في الجنة بالقرب من منزلته، فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم قوله: ” أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة، وأشار بالسبابة والوسطى ” وفرق بينهما قليلا. ذلك فضلا عن الأجر العظيم وزيادة البركة في الأموال والأرزاق.
ما هو معنى كفالة اليتيم
كفالة اليتيم هي عبارة عن عملية رعاية ودعم يتم تقديمها لليتيم. يتضمن دور الكفالة مساعدة اليتيم في تلبية احتياجاته الأساسية مثل الغذاء والمأوى والملبس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الصحية والتعليم والدعم النفسي والاجتماعي.
تأتي كفالة اليتيم من مصادر متنوعة، بما في ذلك الأسرة والأقارب، والمؤسسات الخيرية، والمنظمات الإنسانية، وحتى الحكومة في بعض الحالات. الهدف من كفالة اليتيم هو توفير الرعاية والدعم لهذه الفئة الضعيفة من المجتمع وتوفير لهم الفرصة للنمو والتطور والمشاركة الإيجابية في المجتمع.
أنواع كفالة اليتيم
هناك عدة أنواع من كفالة اليتيم، وتختلف حسب الظروف والموارد المتاحة والاحتياجات الفردية لليتيم. إليك بعض الأنواع الشائعة لكفالة اليتيم:
- الكفالة المالية: تتضمن توفير الدعم المالي لليتيم لتلبية احتياجاته الأساسية، وتغطية تكاليف التعليم والرعاية الصحية.
- الكفالة التعليمية: تتضمن توفير فرص التعليم والتدريب لليتيم، بما في ذلك تغطية تكاليف المدرسة أو الجامعة وتوفير المواد الدراسية ودروس التقوية إذا كان ذلك ضروريًا.
- الكفالة الصحية: تتضمن توفير الرعاية الصحية اللازمة لليتيم، بما في ذلك الزيارات الطبية الدورية وتغطية تكاليف العلاج.
- الكفالة الاجتماعية: تتضمن توفير الدعم النفسي والاجتماعي لليتيم، بما في ذلك التوجيه والدعم العاطفي لمساعدته على التعامل مع تحديات الحياة.
تعتمد نوعية كفالة اليتيم على الظروف المحيطة باليتيم والموارد المتاحة، وتهدف جميع هذه الأنواع إلى تحسين حياة اليتيم وتوفير الفرص اللازمة لنموه وتطوره بشكل صحيح ومستقر.
أي طرق كفالة اليتيم أفضل؟
لا يمكن تحديد نوع معين كأفضل من غيره، حيث يعتمد الخيار على الاحتياجات الفردية لليتيم والموارد المتاحة. الأهم هو تلبية الاحتياجات الأساسية لليتيم وتوفير بيئة آمنة ومستقرة لهم. في النهاية اليتيم طفل يحتاج إلى ما يحتاجه الطفل من تربيه وتوجيه وليس فقط المأكل والمشرب.
قد تكون الكفالة المالية هي الأساس لتلبية الاحتياجات، لكن الدعم المتمثل بالتربية والتوجيه والتعليم له البصمة الأكبر في مستقبلهم.في النهاية فإن أي نوع من أنواع الكفالات للأيتام يجب أن يأتي من القلب وبنية صافية للخدمة والرحمة، ابتغاء للمثوبة والأجر من عند الله سبحانه.
الأيتام في العراق.. أرقام تتضاعف
ومن جانبها، حذرت المفوضية العليا لحقوق الإنسان من تداعيات خطيرة قد تحدث إذا لم يتم توفير الرعاية اللازمة لهؤلاء الأيتام. فعدم وجود مراكز إيواء كافية يجعل الأطفال عرضة للأخطار، مثل لعمليات الاتجار بالبشر او الاشتراك في تجارة المخدرات.
من الجدير بالذكر أن العراق يعاني من عدم وجود إحصائيات دقيقة حول الفقر وعدد الأيتام بسبب نقص المسوحات والبيانات المتاحة. وزارة الشؤون الاجتماعية العراقية، التي تعنى بشؤون هذه الفئات، تواجه تحديات في جمع المعلومات اللازمة لتحديد معدلات الفقر والأعداد بدقة.
وبمقارنة بسيطة بين تصريح عضو المفوضية الذي يتحدث عن 5 ملايين يتيم، وبين تقرير لمنظمة اليونسيف عام 2011 الذي تحدث عن 800 ألف يتيم، يتبين حجم الفارق الذي حصل في عدد الأيتام خلال العقد الأخير (2011 إلى 2021).
العقد الذي شهد سيطرة تنظيم داعش على مساحات واسعة من البلاد، ودخول العراق في صراعات وحروب داخلية أودت بحياة الآلاف.
تداعيات ومخاوف
تأثيرات كبيرة ومدمرة يمكن أن تتولد عن إهمال هذه الشريحة، ليس فقط على مستقبلهم كأفراد، وإنما على مستقبل مجتمعاتهم وبلدانهم ايضا. فالحديث عن 5 ملايين طفل، سيشكلون في سنوات قليلة جزء أساسي من القوى العاملة ومن البنية الاجتماعية للبلد.
فقد يجدون أنفسهم في وضع اقتصادي صعب، في حال لم يتم تقديم الدعم والفرص والمهارات اللازمة لهم، مما يؤدي إلى تكديس الفقر وزيادة معدلات البطالة. وجعلهم أكثر ميلاً للانجراف نحو الجريمة والإدمان.
إضافة إلى أن الأيتام الذين يفتقدون الدعم العاطفي والنفسي قد يواجهون مشاكل في صحتهم النفسية. إذ يمكن أن يؤثر على قدرتهم على التفاعل مع المجتمع وبناء علاقات اجتماعية قوية، وقد يواجهون صعوبة في التكيف.
كل هذه العوامل وغيرها، هي على المدى البعيد ستؤثر بلا شك على الاقتصاد والمجتمع بشكل عام. بالتالي، فإن رعاية الأيتام وتوفير البيئة الداعمة لنموهم وتطويرهم ليس فقط واجبًا دينياً وأخلاقيًا، بل هو أيضًا استثمار في مستقبل البلد واستقراره.